النص
الكامل للحوار الذي أجرته يومية المساء بتاريخ 17 مارس 2015 مع الأخ علال
بلعربي الكاتب العام للنقابة الوطنية المنضوية تحت لواء الكونفدرالية
الديمقراطية للشغل وفيه إجابات عن جملة من التساؤلات وتوضيح لمجموعة من
القضايا الآنية التي تشغل بال نساء ورجال التعليم…
•• في البداية
نود لو تضعوا متتبعي الشأن التعليمي في الصورة الحقيقية لجلسة الحوار
الأخيرة التي جمعتكم بالسيد وزير التربية الوطنية ؟ كيف تقيمون اللقاء ؟
◄ لابد من الإشارة إلى كون قضية التعليم تعتبر من الإشكالات الوطنية
الكبرى التي يعيشها المغرب، واليوم في إطار التحولات الكونية الكبرى التي
تلعب فيها المعرفة والبحث العلمي والتربية والتكوين دورا مركزيا وحاسما في
كل تقدم أو تطور لأي بلد.
وفي المغرب مازلنا بعيدين كل البعد عن
إعطاء هذا الأمر الأهمية اللازمة، وفي هذا الإطار يمكن القول إن المغرب
مازال لا يهتم بالموارد البشرية، وبالنسبة لي لقاؤنا بالسيد وزير التربية
الوطنية لم يرقى إلى المستوى المطلوب، والأجوبة التي قدمت للقضايا المطروحة
تظل أغلبها حبيسة ورهينة بعض القضايا ذات الطابع الجزئي، التي مازال هناك
تعثر في حلها، والمشكل المركزي في ذلك أعتقد أنه مرتبط بالوزير والحكومة
ويتعلق الأمر بنوعية الحوار وطبيعته وفي العلاقة بين النقابات وبين
الحكومة، وهنا أستحضر ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011. نحن اليوم نقول إن
هناك حوارا مع الوزارة ولقاءات أخرى موازية مركزيا مع الحكومة، ولكن في
العمق نحن بعيدون كل البعد عن الحوار بمضامينه الاجتماعية والثقافية
والمادية والاقتصادية…فالحوار بالنسبة إلينا لا يمكن أن يسير بشكل إيجابي
دون أن تلتزم الوزارة والحكومة بما تبقى من اتفاق 26 أبريل.
••
أعتقد أن مضامين اتفاق 26 أبريل، وخاصة القضايا المتعلقة بنساء ورجال
التعليم مرتبطة بالأساس بالقرارات الحكومية، كمسألة الدرجة الجديدة
وتعويضات العمل في المناطق النائية والصعبة…؟
◄ بالنسبة إلينا مسألة
إحداث الدرجة الجديدة للموظف هو أمر أساسي وتحفيزي لنساء ورجال التعليم
للاشتغال في ظروف أحسن، ونحن قلنا لوزير التربية الوطنية إنه جزء من
الحكومة ومن غير المقبول أن نذهب إلى وزير ويقول لنا هناك حكومة. لأنه عضو
فيها ومطالب بالدفاع عن مشاكل نساء ورجال التعليم لدى الحكومة، على اعتبار
أنهم يمثلون الكتلة الأكبر من موظفي الدولة، لهذا فإحداث درجة جديدة سيكون
إنصافا لنساء ورجال التعليم، وتعويضات العمل في المناطق النائية، يجب كذلك
أن يدافع عنها وزير التربية الوطنية لكونه جزء من الحكومة، وذلك لكون العمل
في المناطق القروية النائية صعب جدا. ولعل الفيضانات الأخيرة التي شهدتها
مجموعة من المناطق الجبلية لخير دليل على معاناة هذه الشريحة التي تشتغل
بهذه المناطق. وهي أحداث أعادت إلى الأذهان قضية تكريس فكرة المغرب النافع
وغير النافع، ونحن نقول هنا إن بلادنا لا تسير بسرعتين بل هناك سرعات
مختلفة، وهذا أمر مقلق.
••نعرج الآن على موضوع النظام الأساسي…ماذا يقع ؟ وما الذي يتم التهييء له؟
◄لم يقع إلى حدود الآن أي شيء، وقضية إخراج نظام أساسي جديد بالنسبة لنساء
ورجال التعليم ينبغي أن يكون في جوهر إصلاح التعليم، لأنه لا يمكن الحديث
عن نظام أساسي لنساء ورجال التعليم بمختلف فئاتهم دون الحديث عن إصلاح
المنظومة، أما المبدأ الثاني الذي نؤكد عليه فإن هذا النظام سيرهن المستقبل
الإداري والتربوي والمادي لنساء ورجال التعليم لسنوات طوال، وقد تمتد إلى
عقود، وبالتالي نحن نتريث كثيرا فيما يتعلق بهذا النظام.
••في هذا
الإطار هل النقابات التعليمية الخمس تُهيئ نفسها لمثل هذه التحسبات؟ وأقصد
بالخصوص الشق القانوني من النظام الأساسي حتى لا تأتي النقابات بعد أيام من
إصداره لانتقاده من جديد؟
◄ نحن في النقابة الوطنية للتعليم نقر
بأننا نسير بتريث في هذا الموضوع الصعب والمركب، الذي يرهن مصير الأجيال
القادمة، لكن بالمقابل لا يمكننا أن نترك الزمن يفعل فعله، ونحن الآن سنطلب
من الوزارة أن تسلمنا نسخة من مشروع النظام الأساسي كاملا لنبدي رأينا
فيها بطبيعة الحال إلى جانب النقابات التي لها الحق في ذلك، وسنقف على
محتويات هذا النظام، وإذا كان لا يرقى إلى المستوى المطلوب في شقه
الاجتماعي والمادي والإداري لن نعتبره نظاما أساسيا. نحن نريد نظاما أساسيا
يكون فيه رجل التعليم قد وجد حلولا لجميع مشاكله المطروحة، ونؤكد على
المستوى المعيشي لنساء ورجال التعليم والارتقاء بهم ماديا واجتماعيا. كما
يجب أن يخدم هذا النظام المنظومة التربوية. ففي فرنسا مثلا اقترحت الحكومة
الفرنسية تحفيز الأساتذة الذين يدرسون أقساما تتجاوز 35 تلميذا، لكن
النقابات رفضت ذلك لكونها ترفض أصلا أن يتجاوز عدد التلميذات والتلاميذ 35
في القسم الواحد، ورفضت ذلك لأن رجل التعليم يجب أن يحصل على أجر محترم
يتماشى مع حاجياته ومتطلباته الاجتماعية والمادية…والوزارة اليوم تسير نحو
تفييئ نساء ورجال التعليم إلى ثلاث هيئات أساسية وهي هيئة التدريس وهيئة
التأطير والمراقبة وهيئة التدبير. ونحن مازلنا نتساءل عن البعد التربوي
والمنطلقات العلمية التي جعلت الوزارة تقسم نساء ورجال التعليم على هذه
الهيئات الثلاث. وسنرفض أية وصفات جاهزة قد تكون من وحي البنك الدولي. أما
ما يتم الحديث عنه حول النظام الأساسي حاليا فهو مجرد تسريبات غير رسمية.
ولا شيء مؤكد إلى حدود الآن. فقط يجب التأكيد على ضرورة تنمية الموارد
البشرية لإنجاح أي إصلاح، ونطالب بمنح نساء ورجال التعليم رواتب محترمة
تتماشى مع العمل الكبير الذي يقومون بها. ونؤكد على أنه مازال موعد إخراج
النظام الأساسي معلقا وغير محدد إلى حدود الآن.
الخطاب الملكي الذي
خصه لقضية التعليم كان جد إيجابي، ولكن لم تكن هناك تعبئة وطنية شاملة
لجميع المتدخلين بما فيهم النقابات، ونحن خصصنا مجلسا وطنيا لهذا الموضوع،
وهذا الأمر يطرح إشكالية الخطاب والواقع ومدى تجاوب المعنيين بهذه الخطابات
معها. وهذا الأمر يحيلنا على مسألة الثقة لدى المتتبعين في الخطابات
السياسية للمسؤولين.
••نمر الآن إلى المجلس الأعلى، هل تعتقدون أن هناك عملا ترون أن بإمكانه إخراج المنظومة التربوية من وضعها الحالي؟
◄المجلس الأعلى للتعليم هو بصدد إعداد تقريريه الاستراتيجي، الذي اعتمد
على اللقاءات التشاورية مع الفاعلين نقابات وأحزاب وباقي الفاعلين….لكن ليس
هذا هو المهم في نظرنا، بل المهم بالنسبة إلينا حتى وإن افترضنا أن
التقرير الاستراتيجي سيكون إيجابيا وجيدا، لكن ماذا بعد؟ على اعتبار أن هذا
التقرير سبقته تقارير أخرى سنة 2008 وأنجزت تقارير أخرى…لكن المشكلة تكمن
في التنفيذ والتنزيل، نحن نخشى أن يكون مصير هذا التقرير كمصير التقارير
السابقة. لأن سؤال «ماذا بعد ؟ « سيبقى مطروحا. لهذا لن نغرق في قراءة ما
سيكون عليه التقرير الاستراتيجي للمجلس الأعلى بقدر ما سننتظر الإجابة على
سؤال ماذا بعد؟ الإصلاح كما نقول دائما له تكلفة سياسية وتكلفة مالية، لا
يمكن بالطريقة التي تدبر بها وزارة التربية الوطنية الآن مشاكل قطاع
التعليم أن تكون هناك مؤشرات عملية حول إرادة حقيقية للإصلاح. فالوزارة
الآن عاجزة عن سد الخصاص المرتبط حتى بهيئة التدريس، فما بالك بالقدرة على
إصلاح قطاع التعليم بما يخلق ثورة تربوية تعليمية ومعرفية كبرى في المغرب،
تقتضي اتخاذ مبادرات قوية مما يحدث الصدمة الإيجابية في القطاع. أما ما يقع
اليوم فهو مجرد «بريكولاج» فقط.
•• اقتربت الآن الفترة التي تصدر
فيها عادة الوزارة مذكرة الحركات الانتقالية، أين تتجه المذكرة المتعلقة
بإجراء هذه الحركات، وهل من جديد؟
◄ بخصوص الحركات الانتقالية مازال
النقاش حولها مستمرا، ونحن نطالب بوضع معايير موضوعية يتفق عليها الجميع،
ونترك الإدارة تتصرف على أن تقوم النقابات بدورها في الرقابة والطعن في
الملفات التي تستوجب الطعن والتي تثبت فيها اختلالات، ونحن نناقش هذا
الموضوع بشكل مستمر، وكنا قد قدمنا مقترحاتنا في عهد الوزير خشيشن والوزيرة
العابدة، وطلبنا بوضع معايير موضوعية وعادلة تحظى بموافقة الجميع إدارة
ونقابات، ونترك الأمور تسير تحت مراقبة النقابات، وهو المطلب نفسه الذي
نطالب به، ويجب أن نذكر بأن الحركة الانتقالية تعد إشكالا حقيقيا، فهناك
مناطق جذب ومناطق يهجرها نساء ورجال التعليم مقابل ضعف التوظيفات في
القطاع، وكنا قد طرحنا مسألة التسقيف في عدد سنوت المشاركة في الحركة، وتم
توقيف الفكرة في عهد الوزير الذي جاء بعدهما…
•• هناك تدمر في صفوف
نساء ورجال التعليم بخصوص الاقتطاعات التي تطال رواتبهم جراء مشاركتهم في
الإضرابات، هناك تذمر من الهجوم على نساء ورجال التعليم في كل المناسبات،
هل رفعت النقابات يدها عن نساء ورجال التعليم؟ كيف تفسرون الأمر؟
◄
ما يقع في التعليم هو نتيجة طبيعية لتطور غير طبيعي للسياسات المتبعة في
قطاع التعليم، واليوم إذا كان الأمر كذلك فلا يمكن أن تلام لا النقابة ولا
رجل التعليم ولا أي أحد يشتغل في قطاع التعليم، والذين يحملون المسؤولية في
فشل المنظومة التربوية إلى نساء ورجال التعليم يعيشون قمة البؤس الفكري
وسنشفق عليهم، لأنهم يختزلون مشاكل القطاع المركبة في نساء ورجال التعليم.
لأن عليهم أن يربطوا إصلاح التعليم بالتنمية والأمن…لذا لابد من الوقوف على
الأسباب الحقيقية لفشل التعليم ببلادنا وربطها بالسلطة السياسية المسؤولة
على القطاع…ولابد من تحديد واضع للمشروع المجتمعي الذي نريده لهذا البلد.
ثم إن هناك غياب إرادة سياسية حقيقية لإصلاح هذه المنظومة ونقصد الإرادة
السياسية بمعنى الإرادة والتنفيذ…وأختم بطرح السؤال على المسؤولين متى كانت
الحكومات تضع قطاع التعليم ضمن أولوياتها الحقيقية والأساسية؟
••بعجالة، ما هو موقفكم من المذكرة 111 وقضية الساعات الإضافية؟
◄ بالنسبة للمذكرة 111 نحن والنقابات غير متفقون معها وطالبنا بمراجعتها
ووعد الوزير بذلك. بالنسبة للساعات الإضافية نقول للوزارة والحكومة بأنه
لابد من إعادة النظر في أجور نساء ورجال التعليم والزيادة في الأجور وتحسين
الدخل وتحسين الوضع الاجتماعي للمدرس ورد الاعتبار له في إطار الحق
والواجب. –
Cdt Larache